top of page

يوڤال نوح هراري: ربما يكون انهيار الإنسانية مفيداً أيضاً

  • يوفال نوح هراري ⎮ترجمة: سيف البصري
  • 27. Aug. 2017
  • 2 Min. Lesezeit

"لقد شهد التاريخ صعود و هبوط العديد من الأديان و الإمبراطوريات و الثقافات البشرية. هذه الاضطرابات ليست بالضرورة سيئة. فقد هيمنت الإنسانية على العالم لمدة 300 سنة، وهو ليس وقتاً طويلاً. حكم الفراعنة مصر لمدة 3000 سنة، و سادت الباباوات أوروبا لألفية كاملة. إذا قلت للمصريين في وقت رمسيس الثاني أنه في يوم من الأيام سوف يزول الفراعنة عن الوجود، لربما سيكون جوابهم على الأرجح كالتالي: "كيف يمكننا العيش بدون فرعون؟! من الذي سيضمن النظام، السلام والعدالة؟"

تخيّل لو قلت للناس في القرون الوسطى أنه في غضون قرون قليلة سوف يموت الله و ينتهي عصره، فسيصيبهم الفزع حال ما تنتهي من كلامك: "كيف يمكننا العيش بدون الله؟ من سيعطي معنى للحياة و يحمينا من الفوضى؟" [أو كما يقول بعض أبناء الحاضر عندما تناقشهم في السوشيال ميديا: من سيمنعك من مضاجعة أختك].

[...]

في الوقت الذي مهّدت فيه الثورة الزراعية إلى نشوء الأديان، ولدت الثورة العلمية ديانات إنسانية جديدة، حيث حلّ البشر محلّ الآلهة. في حين أن اللاهوتيين يعبدون الله، يقدّس الإنسانيون الإنسان.

الفكرة الجوهرية للأديان الإنسانية مثل الليبرالية و الشيوعية و النازية هي أن الإنسان العاقل يحمل في داخله جوهر فريد و مقدّس و الذي هو مصدر كل معنى و سلطة في الكون [حركات حقوق الإنسان الحديثة تستنبط أخلاقياتها من هذا التفسير]. وكل ما يحدث في الكون هو جيّد أو سيّئ في الحكم وفقاً لتأثيره على الإنسان.

و في حين أن الأديان تبرر الزراعة التقليدية بإسم الله [(وَآيَةٌ لَهُمُ الْأَرْضُ الْمَيْتَةُ أَحْيَيْنَاهَا وَأَخْرَجْنَا مِنْهَا حَبّاً فَمِنْهُ يَأْكُلُونَ وَجَعَلْنَا فِيهَا جَنَّاتٍ مِنْ نَخِيلٍ وَأَعْنَابٍ وَفَجَّرْنَا فِيهَا مِنَ الْعُيُونِ) (يّـس32،34); كذلك من سورة النحل: (هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً لَكُمْ مِنْهُ شَرَابٌ وَمِنْهُ شَجَرٌ فِيهِ تُسِيمُونَ يُنْبِتُ لَكُمْ بِهِ الزَّرْعَ وَالزَّيْتُونَ وَالنَّخِيلَ وَالْأَعْنَابَ وَمِنْ كُلِّ الثَّمَرَاتِ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَةً لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ)، أو كما ينقل عن عيسى قوله: قال "يشبه ملكوت الله رجلاً يبذر الزرع في حقله. فينام في الليل و يقوم في النهار، و الزرع ينبت و ينمو، و هو لا يعرف كيف كان ذلك. فالأرض من ذاتها تنبت العشب أولاً، ثم السنبل، ثم القمح الذي يملأ السنبل. حتى إذا نضج القمح، حمل الرجل منجله في الحال، لأن الحصاد جاء"]، فقد بررت الإنسانية الزراعة الصناعية الحديثة بإسم الإنسان. فالزراعة الصناعية تقيس احتياجات الإنسان، رغباته و العائد الاقتصادي كمعيار أساسي، في حين تتجاهل كل شيء آخر.

و الزراعة الصناعية ليس لها مصلحة حقيقية في الحيوانات، التي لا تتقاسم "حرمة" الطبيعة البشرية. كما لا تحتاج للآلهة [كتلك التي آمن بها أسلافنا ظنناً بأنها تتحكّم بالحصاد، المطر و الريح و الشمس]، لأن العلم الحديث و التكنولوجيا يمدّان البشر بقوى و طاقة تتجاوز بكثير تلك عند الآلهة القديمة. إضافةً إلى أن العلم الحديث يمكّن الشركات الحديثة من إخضاع الأبقار و الخنازير و الدجاج إلى ظروف أكثر قساوةً من تلك التي سادت في المجتمعات الزراعية التقليدية القديمة.

في مصر القديمة، في الإمبراطورية الرومانية أو في الصين أبان العصور الوسطى، أمتلك البشر فهماً يسيراً فيما يخص الكيمياء أو علم الوراثة [...]".

إذا نظرنا إلى الوراء، يعتقد كثيرون أن سقوط الفراعنة و موت الله كانا تطوران إيجابيين. و ربما يكون انهيار الإنسانية مفيداً أيضاً. فالناس عادة ما يخافون من التغيير لأنهم يخشون المجهول. و لكن أعظم ثابت من التاريخ هو أن كل شيء يتغير! من كتابه "لمحة تاريخية عن الغد"

Comentários


bottom of page