الذكر الألفا من منظور علمي و فلسفي رواقي
- سيف البصري
- 21. Jan. 2018
- 3 Min. Lesezeit
قبل أن تبدأ في القراءة. لا تخف من آراء الآخرين حولك، و من بينهم أقصد ذلك المتردد في داخلك. هكذا مواضيع تثير حفيظة من يخشى ردة فعل المجتمع، لذلك لا تتعامل مع النص كمقال عام. هو بكل بساطة خاص بمجموعة من الذكور هم وحدهم يعرفون ذلك، و أنا أخاطبهم. دع الفلسفة تمرث أخطاءك، بدلاً من أن تكون وسيلة في شجب أخطاء الآخرين. هذا ما ينصح به الفيلسوف سينيكا في كتابه "رسائل أخلاقية". أن نستخدمها كوسيلة لإعادة ترتيب أفكارنا و تحديد هويتنا و أهدافنا. و عليه، سيكون هذا المقال فرصة للرجل المثابر على صقل شخصيته و تهذيب ذاته بأن يتعرّف على رؤية حديثة تحاول التوفيق بين إحداثيات الحاضر و أبعاده و بين حِكَم أجدادنا في الماضي. رؤية تعترف بالجذور الطبيعية التي طوّرت البشر، تقّر بالهرمية الاجتماعية كنظام مستقر، تؤكّد على أهمية المسؤولية الاجتماعية للفرد في ظل تباين القدرات و الطاقات، تحث على الفضيلة و تشجّع الطموح.
تعامل مع النقاط التالية كرؤية، أو كمشروع إما يضيف لك ما تفتقر، أو يؤكّد لك ما تعرفه أو حتى ما ترفضه. فحتى السعي نحوها دون تحقيقها يكفي كبديل عن التشتت و الانضياع في عصر فوضوي و متسارع.
الإنسان بطبيعته حيوان ذكي، بحاجة للانتماء و التنظيم الاجتماعي. لذلك حتى أدوارنا الاجتماعية هي إما نتيجة لـ أو ذو تأثير على ما يسميه البعض بالديناميكية الاجتماعية. من ذلك نستمد و نفهم دور القائد و دوافع التنظيم الهرمي.
في عصرنا لا يكفي فقط أن تتقن القتال بالسيف أو تتمتّع بقدرة جسدية عالية حتى تنال هذا الدور في عملك، عائلتك، محيطك و مجتمعك. اليوم أنت كرجل مطالب بأكثر و المنافسة عالية. الرجل الألفا كذلك هو ليس ذلك المتعجرف أو الطاغية، الذي يتمحور كل اهتمامه حول نفسه و مصالحه على حساب المجتمع و العائلة. إذن من هو؟ لا تتوقّع الإجابة المطلقة، لكن هنا محاولة على شكل ٤ أعمدة:

١) الذكر الألفا هو بصورة عامة الذكر المهيمن الذي يحظى باحترام و ثقة محيطه الاجتماعي أو يفرض نفسه بقوّة. لكن هذا التعريف يحتاج إلى توسيع ليشمل الذي يغتنم المسؤولية و يتحمّل نتائجها، يسعى للفضيلة و يحث عليها، يدافع عن الضعيف و ينصر المظلوم. هذا بدوره يقتضي أن يتحلّى بفلسفة عملية في حياته، تنير دربه. لأن الحكمة التي ننمّميها مع كل يوم يمر تجعلنا أقرب للصفاء، التوازن و البصيرة. دون نظام في الحياة، من الصعب رسم أهداف المستقبل و تحقيقها في الحاضر. فأنت كرجل مسؤول عن نفسك، عن عائلتك و عن دورك في محيطك الاجتماعي. استيعاب ذلك هو مصدر الشجاعة و الموثوقية الاجتماعية. ٢) من تاريخ العرب نقرأ، أنه من زينة الرجل إذا تقطّر الحبر على ثوبه. أحد أعمدة هذه الرؤية هي أن يسعى الذكر الذي يطمح إلى المسؤولية و الاستثمار في ذاته أن يتعلّم، أن يطالع، أن ينفتح على مصادر العِلم، لا من أجل الزينة، بل أيضاً من أجل توفيق قراراته و توسيع خياراته في الحياة. لذلك على الألفا أن يصقل عقله من أجل بناء حضارة أو تهيئة ذرّيته لها. كل كتاب، مقال، دراسة، تجربة أو نصيحة تزيد من موسوعتك هي بمثابة خطوة نحو سلوك أذكى و تعزيز لمشروعيتك كقائد في مجالك.
٣) النظام الهرمي الأبوي يمثّل حزمة من الميمات الناجحة التي صمدت على مر التاريخ حتى أصبحت بعضها مشفّرة جينياً. فالبنية الجسدية للرجل و غريزته الطبيعية يمكّنانه من تولّي المسؤولية الأكبر في حماية العائلة و العناء المطلوب من أجل توفير اللازم لتربية الأطفال و مساندة الزوجة. الذكر الألفا يقود عائلته نحو بر الأمان و مجتمعه نحو الأفضل. فالبشر بطبيعته يبحث عن القيادة في الأشخاص الذين يلعبون دور القدوة و يتحلّون بصفات نوّهت عليها العديد من ثقافات البشر في الماضي. منها التوافق بين الجسد و العقل. رياضة البدن لا غنى عنها في الحفاظ على توازن الهرمونات الذكرية بجانب الأكل السليم و المعتدل. فالعقل السليم في الجسد السليم ـ و لكي تكون أهلاً لذلك، لابد من أن توازن بين سلامة الجسد و سلامة العقل. فجزء كبير من الطبيعة الذكورية يرتبط بشكل مباشر بالحالة الصحية للبدن، بما تتناوله و بما تمارسه.
٤)عش بالتناسق مع الطبيعة ـ كسب السعادة هو أن لا نعيش حياة الانغماس بل حياة الانضباط الذاتي. فالألفا هو الرجل الذي لا يضيّع طاقاته في اللهو و التباهي و الإفراط في الملذّات. هذا لا يعني أن يهمل نفسه، بالعكس. الرجل الألفا في رأيي لابد من أن ينمّي الهابيتوس الاجتماعي و يزيّنه بلباسه، بأناقته، بأسلوبه، بمهنيته و بلغته. البصمة الاجتماعية التي تميّزه عن غيره.
في كل نقطة يمكن التعمّق أكثر، لكن تحرّي البساطة و السعي لرسم خريطة عامة يقتضيان الاختصار و التبسيط.
Comments